تقوم العملات المستقرة بإعادة تشكيل البنية التحتية للنظام المالي العالمي. كنوع جديد من الأصول الرقمية، تتجلى قيمتها الأساسية في ثلاثة أبعاد: إمكانية البرمجة على المستوى التكنولوجي التي تمكنها من دمج العقود الذكية للتنفيذ التلقائي؛ عدم وجود الحدود الجغرافية الذي يكسر الحواجز الإقليمية للمالية التقليدية؛ السرعة على مستوى الكفاءة التي تقلل زمن التسوية من T+1 أو حتى T+3 في المالية التقليدية إلى شبه الفورية.
ومع ذلك، بالإضافة إلى وظيفة الدفع، فإن العملات المستقرة تعزز بهدوء سرعة تداول الأموال: تغيير تكرار استخدام كل دولار، واتجاه التدفق، وسرعة تحفيز الأنشطة الاقتصادية. تأثير العملات المستقرة على سرعة تداول الأموال يظهر تأثير "الحلزون المزدوج" الفريد: من ناحية، يتم تحرير الهامش الضماني المتجمد في التمويل التقليدي من خلال التسوية التلقائية التي تتحقق عبر العقود الذكية؛ ومن ناحية أخرى، فإن برك السيولة العالمية المستمرة على مدار الساعة تزيد بشكل ملحوظ من كفاءة دوران رأس المال، وهذا التأثير يكون واضحًا بشكل خاص في المعاملات عبر الحدود بين الشركات.
تشبه هذه الظاهرة التغيير الذي حدث قبل عشرين عامًا في الإنترنت والذي أثر على طرق تداول العملات والقيمة في بداياتها، حيث قامت المدفوعات الإلكترونية بتحسين كفاءة الدفع، بينما أعادت العملات المستقرة بناء الحلقة المغلقة الكاملة لتخزين القيمة ونقلها وخلقها على أساس زيادة الكفاءة. لفهم الدور الحالي للعملات المستقرة، نحتاج إلى العودة إلى المفاهيم الأساسية.
!
ملاحظة: تم تصنيف مؤشر تطبيقات العملات المشفرة العالمي لعام 2024 من Chainalysis لـ 151 دولة من خلال أربعة مؤشرات فرعية، وهذه المؤشرات تستخدم لقياس استخدام خدمات العملات المشفرة المختلفة. تم تعديل نتائج التصنيف بعد أخذ عدد السكان وبارد الشراء في الاعتبار، وأخذ المتوسط وتم توحيده في نطاق بين 0-1. تستند هذه البيانات إلى تقديرات حجم المعاملات لمواقع خدمات العملات المشفرة وتم التحقق منها بالتقاطع مع نتائج استقصاء الخبراء المحليين.
تعريف سرعة تداول العملات
سرعة تداول النقود تشير إلى معدل تبادل النقود داخل الاقتصاد، وعادة ما يتم حسابها من خلال الصيغة التالية:
سرعة التداول = الناتج المحلي الإجمالي (GDP) / عرض النقود
إنه يقيس كفاءة إنتاج كل وحدة من العملة. تعني سرعة التداول العالية أن العملة تُستخدم بشكل متكرر لشراء السلع والخدمات؛ بينما تشير سرعة التداول المنخفضة إلى أن العملة مخزنة أو متروكة.
لكن "العملة" ليست مفهومًا واحدًا. يقسم الاقتصاديون إلى مستويات مختلفة:
M1: النقد + الودائع الجارية، أعلى شكل من أشكال السيولة النقدية.
M2: M1 + حسابات الادخار + الودائع لأجل أقل من 100,000 دولار + صناديق السوق النقدي.
M3 (تم إيقافه في الولايات المتحدة): M2 + الودائع لأجل الكبيرة + صناديق السوق النقدية المؤسسية + أدوات مالية كبيرة أخرى.
عملة مستقرة مدعومة بالكامل من العملات التقليدية وقابلة للتبادل في أي وقت، سلوكها مشابه لـ M1: سيولة عالية للغاية، يمكن استخدامها على الفور.
تذبذبات سرعة تداول العملات في عصر الإنترنت
من أواخر التسعينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، أدت ثورة الإنترنت إلى تحسين كبير في سرعة تداول الأموال:
أدى التجارة الإلكترونية إلى ترقية شاملة للاستهلاك.
سرّعت رسائل البريد الإلكتروني من المعاملات وتوقيع العقود.
العولمة في دخول السوق.
تجعل البنوك الرقمية النقود أكثر سيولة.
هذا التحسين المبكر في الكفاءة دفع إلى زيادة سرعة تداول M1.
لكن مع نضوج الإنترنت، هيمنت اتجاه آخر:
أدى تقدير رأس المال إلى خلق ثروة هائلة.
تُخزَّن هذه الثروات وتُستثمر في الأسهم والسندات والعقارات.
مزيد من الأموال مخصصة للاستثمار بدلاً من الاستهلاك.
تراجعت سرعة التداول، ولكن الناتج المحلي الإجمالي ينمو باستمرار، لأن تشكيل رأس المال بدأ يحل محل الأنشطة الاستهلاكية البحتة.
!
توجهات نمو المعروض النقدي M3 ومؤشر S&P 500 على مر السنين
كيف تعزز العملات المستقرة سرعة تداول العملات العالمية
اليوم، يتم إدخال ديناميات مماثلة في العملات المستقرة: حيث زادت بشكل كبير من سرعة العملة و إمكانية الوصول إليها و توفرها. ولكن على عكس الإنترنت المبكر، كانت هذه الثورة عالمية منذ البداية. فيما يلي تجلياتها المحددة:
1. تحويلات بلا حدود على مدار الساعة
في مجال المدفوعات عبر الحدود، حققت العملات المستقرة تسوية فورية على مدار الساعة. قامت الشركات المصدرة مثل Circle وTether ببناء شبكة مدفوعات عالمية، مما جعل تحويل الأموال غير مقيد بأوقات عمل النظام المصرفي التقليدي والقيود عبر الحدود. تعتبر هذه الزيادة في الكفاءة ملحوظة بشكل خاص في سوق التحويلات، حيث يمكن إكمال التحويلات عبر الحدود التي تتطلب تقليديًا من 3 إلى 5 أيام عمل في غضون دقائق باستخدام العملات المستقرة.
2. التمويل على السلسلة و DeFi
تطور التمويل اللامركزي (DeFi) يعزز من القيمة الاقتصادية للعملات المستقرة. على منصات مثل Aave وCompound، يمكن لحاملي العملات المستقرة المشاركة في سوق الإقراض، وتحويل الأموال غير المستغلة إلى رأس مال منتج. هذا التحسين في كفاءة استخدام الأموال يعزز مباشرة من سرعة تداول النقود، حيث تسمح منصات مثل Morpho Labs وPendle للمستخدمين باستخدام العملات المستقرة للإقراض، والمنتجات المدرة للعائد، أو توفير السيولة.
3. التحويل والدفع
تسمح واجهات برمجة التطبيقات (API) التي طورتها الشركات الناشئة مثل Stablecoin للمؤسسات بدمج مدفوعات العملات المستقرة في تدفقات الأموال الحالية، مع دعم التسويات العالمية الفورية على مدار الساعة، وتقليل تكاليف الصرف الأجنبي، والوصول إلى الأسواق التي يصعب على المالية التقليدية تغطيتها.
مثال آخر هو بطاقة الخصم المشفرة، التي تتيح للمستخدمين استخدام أرصدة العملات المستقرة على السلسلة مباشرة للإنفاق اليومي. من خلال الاتصال بشبكات الدفع الرئيسية مثل Visa وMastercard، تقوم هذه البطاقات بتحويل العملات المستقرة إلى العملات المحلية على الفور عند الشراء دون الحاجة إلى تبادل إضافي. هذه الجسور بين السلسلة والعالم الحقيقي تجعل العملات المستقرة وسيلة نشطة للتداول لشراء السلع الأساسية والسفر وغيرها من الاحتياجات اليومية، مما يعزز سرعة تداول العملات العالمية.
4. الوصول غير المصرح به إلى الدولار
في دول مثل تركيا والأرجنتين ونيجيريا، تُعتبر العملات المستقرة أداة مالية مهمة، تتيح للمستخدمين تخزين قيمة الدولار والتداول بحرية باستخدام الهاتف المحمول والاتصال بالإنترنت فقط. من خلال تقليل الاعتماد على الوسطاء وتحقيق المدفوعات الفورية وغير المحدودة، تعمل العملات المستقرة على تنشيط كفاءة الأموال المحلية بشكل أكثر فعالية، وتضم المزيد من المشاركين في النظام الاقتصادي.
بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة (سواء كانت في الصناعة أو الزراعة أو الخدمات الرقمية أو التجزئة المحلية)، فإن العملات المستقرة تمكّن المشترين والموردين الدوليين من التواصل المباشر، مما يقلل من الاحتكاك في التجارة عبر الحدود، ويقضي على تأخيرات التسوية، ويحمي الشركات من تأثير الانخفاض المفاجئ في قيمة العملة المحلية. تتيح العملات المستقرة للأفراد والشركات الحفاظ على تدفق رأس المال في الاقتصاد المحلي، مما يسرّع من سرعة تداول النقود ويعزز من قدرة الاقتصاد على الصمود في بيئة العملات ذات التقلبات العالية.
تطبيق العملات المستقرة في جنوب شرق آسيا
في الأسواق النامية مثل تايلاند وفيتنام والفلبين، يتم تسريع اعتماد العملات المستقرة من خلال قنوات P2P والتداول خارج البورصة. على سبيل المثال، تتعاون بنك سيام التجاري (SCB) في تايلاند مع Lightnet من خلال قسمها الابتكاري SCB 10X، للاستفادة من العملات المستقرة على البلوكشين العامة لتحقيق المدفوعات والتحويلات عبر الحدود. هذه هي الحالة الأولى للتسوية القائمة على العملات المستقرة في تايلاند، مما يضع معيارًا لصناعة المالية الإقليمية. من خلال دمج البنية التحتية للحضانة من Fireblocks، يضمن هذا الخدمة أمان الأصول على مستوى المؤسسات، مما يعزز الثقة بين جميع الأطراف. في المستقبل، تخطط SCB وLightnet لتوسيع الخدمة لتشمل العملاء من الشركات، وتحقيق التحويلات الثنائية، وتقديم نفس الكفاءة وميزات التكلفة للمستخدمين الأفراد.
!
بيانات المدفوعات المحمولة Euromonitor
التأثيرات قصيرة الأجل: تحسين الكفاءة الاقتصادية
أدى ارتفاع سرعة تداول العملات المدفوعة بالعملات المستقرة على المدى القصير إلى تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة:
نمو الناتج المحلي الإجمالي: أدى تداول أسرع لنفس مجموعة رأس المال إلى تعزيز النشاط الاقتصادي.
زيادة الإنتاجية: المدفوعات الفورية ومنخفضة الاحتكاك ودورات رأس المال العامل الأسرع حسنت كفاءة الأعمال.
زيادة الشمولية المالية: يمكن للعاملين في الاقتصاد المؤقت، والمبدعين، والتجار استخدام الأصول المستقرة بالدولار للتجارة، دون الاعتماد على البنوك التقليدية.
هذا يحرر الإمكانات الاقتصادية التي تم كبتها على المدى الطويل في الأسواق الناشئة. تمامًا كما تسارعت الأعمال التجارية في وقت مبكر من الإنترنت من خلال القضاء على الاحتكاك في الاتصالات والتوزيع، فإن العملات المستقرة تقوم بنفس الشيء لتحويل القيمة، مما يسمح بتدفق الأموال بحرية وعلى مدار الساعة تقريبًا وبتكلفة قريبة من صفر.
التأثير طويل الأمد: من السرعة إلى الحجم
تكون التأثيرات طويلة الأمد أكثر تعقيدًا.
مع وصول مستخدمي الأسواق الناشئة إلى الدولار والعملات المستقرة، لم تُستخدم بعض رؤوس الأموال للاستهلاك، بل تم ادخارها أو استثمارها:
الرهان في DeFi للحصول على عائدات سلبية.
لشراء الأصول (العقارات، الرموز، الأسهم).
مخصص لتوسيع الأعمال.
ستؤدي هذه السلوكيات إلى إزالة الأموال من دورة التداول قصيرة الأجل، مما يقلل من سرعة التداول المحلي. لكن هذه ليست نتيجة سلبية. مثل أوائل القرن الحادي والعشرين، تعكس هذه الظاهرة التحول من الاستهلاك المدفوع بالسرعة إلى تراكم الثروة وتشكيل رأس المال، وهو علامة على نضوج الاقتصاد.
حتى مع انخفاض وتيرة دوران العملة، فإن كفاءتها في الاستخدام أعلى. في مرحلة النمو المبكرة، تميل الاقتصادات الناشئة إلى الاستهلاك، مع التركيز على بناء البنية التحتية وملاحقة الاقتصادات المتقدمة. مع زيادة الدخل وانتشار الأدوات المالية، ترتفع معدلات الادخار تدريجياً، وتبدأ الأسر في تجميع الثروة والاستثمار في الأصول طويلة الأجل. يمكن أن تسرع العملات المستقرة من هذا التحول.
الاستنتاج
تعمل العملات المستقرة على تغيير طريقة تدفق الأموال على مستوى العالم، حيث تزيد من سرعة المعاملات وتعزز الشمول المالي. فهي تعتبر في المدى القصير محفزًا لسرعة التداول، وفي المدى الطويل تُعتبر بانية لتشكيل رأس المال.
تُعتبر سرعة دوران العملة مؤشرًا رئيسيًا لقياس النشاط الاقتصادي، وصيغتها الحسابية هي نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى كمية المعروض النقدي. لقد أدخل ظهور العملات المستقرة معنى جديدًا لهذا المفهوم الاقتصادي التقليدي. العملات المستقرة المدعومة بالكامل من العملات القانونية والقابلة للتبادل في أي وقت، تتمتع بخصائص سيولة مشابهة لـ M1، لكن كفاءتها التشغيلية تفوق بكثير العملات القانونية التقليدية.
من المهم أن نلاحظ أن سرعة التداول لا تعمل بشكل منعزل، بل تتأثر آثارها الاقتصادية بالعوامل التالية:
معدل الفائدة: تشجع معدلات الفائدة العالية على الادخار، وتقلل من سرعة التداول.
توقعات التضخم: إذا توقع الناس ارتفاع الأسعار، فسوف يسرعون من استهلاكهم.
الرسوم الجمركية وضوابط رأس المال: قد تحد هذه من استخدام العملات المستقرة في مناطق معينة.
السياسة المالية: ستؤثر المدفوعات التحويلية الحكومية والضرائب والإعانات على تدفق النقود.
ومع ذلك، فإن النتيجة هي ولادة شكل جديد من الاقتصاد العالمي: يمكن أن تتدفق العملات المستقرة على الفور، وتتم تسويتها تلقائيًا، وتظل قوية أثناء التطور. تمامًا كما أعاد الإنترنت المبكر تشكيل الاتصالات والتجارة، فإن العملات المستقرة تفعل الشيء نفسه مع المال نفسه. لا تتعلق هذه الثورة بطباعة المزيد من الأموال، بل بكيفية استخدام الموارد الحالية بشكل أكثر كفاءة.
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
هل ستؤدي العملة المستقرة إلى دفع الاقتصاد نحو الطيران في العقد المقبل من خلال الدفع الإلكتروني؟
كتابة: Level
المترجم: AididiaoJP ، أخبار البصيرة
تقوم العملات المستقرة بإعادة تشكيل البنية التحتية للنظام المالي العالمي. كنوع جديد من الأصول الرقمية، تتجلى قيمتها الأساسية في ثلاثة أبعاد: إمكانية البرمجة على المستوى التكنولوجي التي تمكنها من دمج العقود الذكية للتنفيذ التلقائي؛ عدم وجود الحدود الجغرافية الذي يكسر الحواجز الإقليمية للمالية التقليدية؛ السرعة على مستوى الكفاءة التي تقلل زمن التسوية من T+1 أو حتى T+3 في المالية التقليدية إلى شبه الفورية.
ومع ذلك، بالإضافة إلى وظيفة الدفع، فإن العملات المستقرة تعزز بهدوء سرعة تداول الأموال: تغيير تكرار استخدام كل دولار، واتجاه التدفق، وسرعة تحفيز الأنشطة الاقتصادية. تأثير العملات المستقرة على سرعة تداول الأموال يظهر تأثير "الحلزون المزدوج" الفريد: من ناحية، يتم تحرير الهامش الضماني المتجمد في التمويل التقليدي من خلال التسوية التلقائية التي تتحقق عبر العقود الذكية؛ ومن ناحية أخرى، فإن برك السيولة العالمية المستمرة على مدار الساعة تزيد بشكل ملحوظ من كفاءة دوران رأس المال، وهذا التأثير يكون واضحًا بشكل خاص في المعاملات عبر الحدود بين الشركات.
تشبه هذه الظاهرة التغيير الذي حدث قبل عشرين عامًا في الإنترنت والذي أثر على طرق تداول العملات والقيمة في بداياتها، حيث قامت المدفوعات الإلكترونية بتحسين كفاءة الدفع، بينما أعادت العملات المستقرة بناء الحلقة المغلقة الكاملة لتخزين القيمة ونقلها وخلقها على أساس زيادة الكفاءة. لفهم الدور الحالي للعملات المستقرة، نحتاج إلى العودة إلى المفاهيم الأساسية.
!
ملاحظة: تم تصنيف مؤشر تطبيقات العملات المشفرة العالمي لعام 2024 من Chainalysis لـ 151 دولة من خلال أربعة مؤشرات فرعية، وهذه المؤشرات تستخدم لقياس استخدام خدمات العملات المشفرة المختلفة. تم تعديل نتائج التصنيف بعد أخذ عدد السكان وبارد الشراء في الاعتبار، وأخذ المتوسط وتم توحيده في نطاق بين 0-1. تستند هذه البيانات إلى تقديرات حجم المعاملات لمواقع خدمات العملات المشفرة وتم التحقق منها بالتقاطع مع نتائج استقصاء الخبراء المحليين.
تعريف سرعة تداول العملات
سرعة تداول النقود تشير إلى معدل تبادل النقود داخل الاقتصاد، وعادة ما يتم حسابها من خلال الصيغة التالية:
سرعة التداول = الناتج المحلي الإجمالي (GDP) / عرض النقود
إنه يقيس كفاءة إنتاج كل وحدة من العملة. تعني سرعة التداول العالية أن العملة تُستخدم بشكل متكرر لشراء السلع والخدمات؛ بينما تشير سرعة التداول المنخفضة إلى أن العملة مخزنة أو متروكة.
لكن "العملة" ليست مفهومًا واحدًا. يقسم الاقتصاديون إلى مستويات مختلفة:
M1: النقد + الودائع الجارية، أعلى شكل من أشكال السيولة النقدية.
M2: M1 + حسابات الادخار + الودائع لأجل أقل من 100,000 دولار + صناديق السوق النقدي.
M3 (تم إيقافه في الولايات المتحدة): M2 + الودائع لأجل الكبيرة + صناديق السوق النقدية المؤسسية + أدوات مالية كبيرة أخرى.
عملة مستقرة مدعومة بالكامل من العملات التقليدية وقابلة للتبادل في أي وقت، سلوكها مشابه لـ M1: سيولة عالية للغاية، يمكن استخدامها على الفور.
تذبذبات سرعة تداول العملات في عصر الإنترنت
من أواخر التسعينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، أدت ثورة الإنترنت إلى تحسين كبير في سرعة تداول الأموال:
أدى التجارة الإلكترونية إلى ترقية شاملة للاستهلاك.
سرّعت رسائل البريد الإلكتروني من المعاملات وتوقيع العقود.
العولمة في دخول السوق.
تجعل البنوك الرقمية النقود أكثر سيولة.
هذا التحسين المبكر في الكفاءة دفع إلى زيادة سرعة تداول M1.
لكن مع نضوج الإنترنت، هيمنت اتجاه آخر:
أدى تقدير رأس المال إلى خلق ثروة هائلة.
تُخزَّن هذه الثروات وتُستثمر في الأسهم والسندات والعقارات.
مزيد من الأموال مخصصة للاستثمار بدلاً من الاستهلاك.
تراجعت سرعة التداول، ولكن الناتج المحلي الإجمالي ينمو باستمرار، لأن تشكيل رأس المال بدأ يحل محل الأنشطة الاستهلاكية البحتة.
!
توجهات نمو المعروض النقدي M3 ومؤشر S&P 500 على مر السنين
كيف تعزز العملات المستقرة سرعة تداول العملات العالمية
اليوم، يتم إدخال ديناميات مماثلة في العملات المستقرة: حيث زادت بشكل كبير من سرعة العملة و إمكانية الوصول إليها و توفرها. ولكن على عكس الإنترنت المبكر، كانت هذه الثورة عالمية منذ البداية. فيما يلي تجلياتها المحددة:
1. تحويلات بلا حدود على مدار الساعة
في مجال المدفوعات عبر الحدود، حققت العملات المستقرة تسوية فورية على مدار الساعة. قامت الشركات المصدرة مثل Circle وTether ببناء شبكة مدفوعات عالمية، مما جعل تحويل الأموال غير مقيد بأوقات عمل النظام المصرفي التقليدي والقيود عبر الحدود. تعتبر هذه الزيادة في الكفاءة ملحوظة بشكل خاص في سوق التحويلات، حيث يمكن إكمال التحويلات عبر الحدود التي تتطلب تقليديًا من 3 إلى 5 أيام عمل في غضون دقائق باستخدام العملات المستقرة.
2. التمويل على السلسلة و DeFi
تطور التمويل اللامركزي (DeFi) يعزز من القيمة الاقتصادية للعملات المستقرة. على منصات مثل Aave وCompound، يمكن لحاملي العملات المستقرة المشاركة في سوق الإقراض، وتحويل الأموال غير المستغلة إلى رأس مال منتج. هذا التحسين في كفاءة استخدام الأموال يعزز مباشرة من سرعة تداول النقود، حيث تسمح منصات مثل Morpho Labs وPendle للمستخدمين باستخدام العملات المستقرة للإقراض، والمنتجات المدرة للعائد، أو توفير السيولة.
3. التحويل والدفع
تسمح واجهات برمجة التطبيقات (API) التي طورتها الشركات الناشئة مثل Stablecoin للمؤسسات بدمج مدفوعات العملات المستقرة في تدفقات الأموال الحالية، مع دعم التسويات العالمية الفورية على مدار الساعة، وتقليل تكاليف الصرف الأجنبي، والوصول إلى الأسواق التي يصعب على المالية التقليدية تغطيتها.
مثال آخر هو بطاقة الخصم المشفرة، التي تتيح للمستخدمين استخدام أرصدة العملات المستقرة على السلسلة مباشرة للإنفاق اليومي. من خلال الاتصال بشبكات الدفع الرئيسية مثل Visa وMastercard، تقوم هذه البطاقات بتحويل العملات المستقرة إلى العملات المحلية على الفور عند الشراء دون الحاجة إلى تبادل إضافي. هذه الجسور بين السلسلة والعالم الحقيقي تجعل العملات المستقرة وسيلة نشطة للتداول لشراء السلع الأساسية والسفر وغيرها من الاحتياجات اليومية، مما يعزز سرعة تداول العملات العالمية.
4. الوصول غير المصرح به إلى الدولار
في دول مثل تركيا والأرجنتين ونيجيريا، تُعتبر العملات المستقرة أداة مالية مهمة، تتيح للمستخدمين تخزين قيمة الدولار والتداول بحرية باستخدام الهاتف المحمول والاتصال بالإنترنت فقط. من خلال تقليل الاعتماد على الوسطاء وتحقيق المدفوعات الفورية وغير المحدودة، تعمل العملات المستقرة على تنشيط كفاءة الأموال المحلية بشكل أكثر فعالية، وتضم المزيد من المشاركين في النظام الاقتصادي.
بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة (سواء كانت في الصناعة أو الزراعة أو الخدمات الرقمية أو التجزئة المحلية)، فإن العملات المستقرة تمكّن المشترين والموردين الدوليين من التواصل المباشر، مما يقلل من الاحتكاك في التجارة عبر الحدود، ويقضي على تأخيرات التسوية، ويحمي الشركات من تأثير الانخفاض المفاجئ في قيمة العملة المحلية. تتيح العملات المستقرة للأفراد والشركات الحفاظ على تدفق رأس المال في الاقتصاد المحلي، مما يسرّع من سرعة تداول النقود ويعزز من قدرة الاقتصاد على الصمود في بيئة العملات ذات التقلبات العالية.
تطبيق العملات المستقرة في جنوب شرق آسيا
في الأسواق النامية مثل تايلاند وفيتنام والفلبين، يتم تسريع اعتماد العملات المستقرة من خلال قنوات P2P والتداول خارج البورصة. على سبيل المثال، تتعاون بنك سيام التجاري (SCB) في تايلاند مع Lightnet من خلال قسمها الابتكاري SCB 10X، للاستفادة من العملات المستقرة على البلوكشين العامة لتحقيق المدفوعات والتحويلات عبر الحدود. هذه هي الحالة الأولى للتسوية القائمة على العملات المستقرة في تايلاند، مما يضع معيارًا لصناعة المالية الإقليمية. من خلال دمج البنية التحتية للحضانة من Fireblocks، يضمن هذا الخدمة أمان الأصول على مستوى المؤسسات، مما يعزز الثقة بين جميع الأطراف. في المستقبل، تخطط SCB وLightnet لتوسيع الخدمة لتشمل العملاء من الشركات، وتحقيق التحويلات الثنائية، وتقديم نفس الكفاءة وميزات التكلفة للمستخدمين الأفراد.
!
بيانات المدفوعات المحمولة Euromonitor
التأثيرات قصيرة الأجل: تحسين الكفاءة الاقتصادية
أدى ارتفاع سرعة تداول العملات المدفوعة بالعملات المستقرة على المدى القصير إلى تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة:
نمو الناتج المحلي الإجمالي: أدى تداول أسرع لنفس مجموعة رأس المال إلى تعزيز النشاط الاقتصادي.
زيادة الإنتاجية: المدفوعات الفورية ومنخفضة الاحتكاك ودورات رأس المال العامل الأسرع حسنت كفاءة الأعمال.
زيادة الشمولية المالية: يمكن للعاملين في الاقتصاد المؤقت، والمبدعين، والتجار استخدام الأصول المستقرة بالدولار للتجارة، دون الاعتماد على البنوك التقليدية.
هذا يحرر الإمكانات الاقتصادية التي تم كبتها على المدى الطويل في الأسواق الناشئة. تمامًا كما تسارعت الأعمال التجارية في وقت مبكر من الإنترنت من خلال القضاء على الاحتكاك في الاتصالات والتوزيع، فإن العملات المستقرة تقوم بنفس الشيء لتحويل القيمة، مما يسمح بتدفق الأموال بحرية وعلى مدار الساعة تقريبًا وبتكلفة قريبة من صفر.
التأثير طويل الأمد: من السرعة إلى الحجم
تكون التأثيرات طويلة الأمد أكثر تعقيدًا.
مع وصول مستخدمي الأسواق الناشئة إلى الدولار والعملات المستقرة، لم تُستخدم بعض رؤوس الأموال للاستهلاك، بل تم ادخارها أو استثمارها:
الرهان في DeFi للحصول على عائدات سلبية.
لشراء الأصول (العقارات، الرموز، الأسهم).
مخصص لتوسيع الأعمال.
ستؤدي هذه السلوكيات إلى إزالة الأموال من دورة التداول قصيرة الأجل، مما يقلل من سرعة التداول المحلي. لكن هذه ليست نتيجة سلبية. مثل أوائل القرن الحادي والعشرين، تعكس هذه الظاهرة التحول من الاستهلاك المدفوع بالسرعة إلى تراكم الثروة وتشكيل رأس المال، وهو علامة على نضوج الاقتصاد.
حتى مع انخفاض وتيرة دوران العملة، فإن كفاءتها في الاستخدام أعلى. في مرحلة النمو المبكرة، تميل الاقتصادات الناشئة إلى الاستهلاك، مع التركيز على بناء البنية التحتية وملاحقة الاقتصادات المتقدمة. مع زيادة الدخل وانتشار الأدوات المالية، ترتفع معدلات الادخار تدريجياً، وتبدأ الأسر في تجميع الثروة والاستثمار في الأصول طويلة الأجل. يمكن أن تسرع العملات المستقرة من هذا التحول.
الاستنتاج
تعمل العملات المستقرة على تغيير طريقة تدفق الأموال على مستوى العالم، حيث تزيد من سرعة المعاملات وتعزز الشمول المالي. فهي تعتبر في المدى القصير محفزًا لسرعة التداول، وفي المدى الطويل تُعتبر بانية لتشكيل رأس المال.
تُعتبر سرعة دوران العملة مؤشرًا رئيسيًا لقياس النشاط الاقتصادي، وصيغتها الحسابية هي نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى كمية المعروض النقدي. لقد أدخل ظهور العملات المستقرة معنى جديدًا لهذا المفهوم الاقتصادي التقليدي. العملات المستقرة المدعومة بالكامل من العملات القانونية والقابلة للتبادل في أي وقت، تتمتع بخصائص سيولة مشابهة لـ M1، لكن كفاءتها التشغيلية تفوق بكثير العملات القانونية التقليدية.
من المهم أن نلاحظ أن سرعة التداول لا تعمل بشكل منعزل، بل تتأثر آثارها الاقتصادية بالعوامل التالية:
معدل الفائدة: تشجع معدلات الفائدة العالية على الادخار، وتقلل من سرعة التداول.
توقعات التضخم: إذا توقع الناس ارتفاع الأسعار، فسوف يسرعون من استهلاكهم.
الرسوم الجمركية وضوابط رأس المال: قد تحد هذه من استخدام العملات المستقرة في مناطق معينة.
السياسة المالية: ستؤثر المدفوعات التحويلية الحكومية والضرائب والإعانات على تدفق النقود.
ومع ذلك، فإن النتيجة هي ولادة شكل جديد من الاقتصاد العالمي: يمكن أن تتدفق العملات المستقرة على الفور، وتتم تسويتها تلقائيًا، وتظل قوية أثناء التطور. تمامًا كما أعاد الإنترنت المبكر تشكيل الاتصالات والتجارة، فإن العملات المستقرة تفعل الشيء نفسه مع المال نفسه. لا تتعلق هذه الثورة بطباعة المزيد من الأموال، بل بكيفية استخدام الموارد الحالية بشكل أكثر كفاءة.
المصدر: أخبار فورسايت